بعض الاوساط العربية لم تنظر باهتمام للمفاوضات الغير مباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين برعاية جورج ميتشل المبعوث الامريكي الخاص للشرق الاوسط ، معللين ذلك بفتح الباب امام احتمالات التوتير مما سيؤدي الي اغلاق ملف المفاوضات حسب رأيهم.
الضبابية تحيط المشهد الاقليمي مما يعزز فرضيات الاحتمالات المتعددة ، وربما ستدخل لبنان وسوريا و ايران طرفا في هذا المشهد.
اسرائيل حتى الان لم تتخذ اي خطوة جادة كمجرد الاعلان فقط عن وقف بناء المستوطنات في القدس الشرقية خاصة مشروع
( رامات شلومو ) لانه حجر عثرة في وجه المفاوضات ، ولم تقف اسرائيل هنا بل باحداثها تغير كبير في البنية العمرانية والديمغرافية للمدينة المقدسة باستقدام 5000 مستوطن (يهود شرقيون) وزرعهم في مستوطنات جديده تبنى وفق مخطط لا يخضع لنظام البناء الذي تشرف عليه بلدية القدس مما يعني هدم وتدمير مئات البيوت العربية وضم الاراضي الفلسطينية بحجة تأمين المستوطنات في ظل تناقص عدد الفلسطينيين في القدس نتيجةً للسياسة اسرائيل التعسفية.
في الجانب الاخر نرى ان الفلسطينيين يطمحون في تثبيت خيار الدولتين وحدود 1967 ، بينما اسرائيل تتهرب من ملف المستوطنات - القدس - الحدود - اللاجئين بالاضافة الي قضايا هامة كالمياه والأمن و الحدود المؤقتة، مما يعزز فرضية عدم جدية اسرائيل لهذه المفاوضات كل هذا يعزز احتمال هروب اسرائيل الي الامام عبر افتعال ازمة ما ،خاصة وان الحكومة الاسرائيلية الحالية بتركيبتها الائتلافية تجعل بنيامين نتنياهو في قبضة الائتلاف الحكومي وهو الغالبية اليمينية وهذا يحقق من الاستفادة من مسألة التهديد النووي الايراني فكلها مؤشرات قائمة.
تسربت من اجواء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي اضافة الي ألمانيا بأنهم ماضون في التحضير لعقوبات ذكية تبدأ بالمتوسطة انتهاءً بعقوبات قاسية مما يؤدي الي جعل ايران عرضة للتآكل الداخلي وعندها تصبح كل الاحتمالات مفتوحة ...
اما سبب تأخير إصدرا العقوبات يهدف الي تأمين إجماع دولي ، وبالعودة الي موقف اسرائيل فقد اخفقت في جنوب لبنان في تموز 2006 بقيادة وزير دفاعها ايهود باراك وكذك هو الحال بالنسبة لحرب غزة الاخيرة . لذا فربما ستدخل اطراف اخرى مثل سوريا من خلال احراجها امام المجتمع الدولي لانها اغمضت عيونها عن ازالة التهديد وتهريب الاسلحة الي الجنوب اللبناني.
الدلالات من تلك المعطيات هو تجديد العقوبات علي سوريا وما يبرر ذلك هو تاخير ارسال السفير الامريكي الي دمشق حتى الان.. خلط الاوراق في المنطقة يراد منه حفظ ماء وجه امريكا بعدما رفعت من سقف التوقعات من تحريك عملية السلام في ظل التعنت الاسرائيلي وفي ظل غياب اوراق الضغط العربية من خلال التمني عليهم بالتدخل والضغط علي اسرائيل لوقف التصعيد.
الانشغال الدولي الحالي في المونديال وموسم الاصطياف ، ومباشرة المفاوضات الغير مباشرة كلها تعزز المساعي الديبلوماسية التي تهدف لتأسيس مظلة أمان تُجنب دول المنطقة من تأزيم المشهد الاقليمي الضاغط والا سيكون الخريف القادم اكثر سوادا وقتامةً.